دواء ( 54 ) والله لا يخزيك الله أبدًا
والله لا يخزيك الله أبداً،هذا القول جاء على لسان أم المؤمنين السيدة خديجة رضى الله عنها وهى امرأةٌ ذات عقل راجح، وحكمةٍ، ورويَّه، وتبصر بالأُمور.
لما أتاها النبي (ص) ، وهو في تلك الحالة التي صورها حديث عَائِشَةَفي أول صحيح البُخَارِيّ في بدء الوحي أن النبي(ص)جاء، وفؤاده يرجفوهو خائف وجل من هذا الحدث الهائل، الذي لم يكن يتوقعه، والذي خاف منه عَلَى نفسه، كَانَ يتعبد ويتحنث في ذلك الغار، وإذا هذا الملك يأتي، والنبي (ص) لم يكن يعرفه، ولم يسمع عنه من قبل ولم يسمع أنه جَاءَ إِلَى أحد، فيأتيه، ويناديه من بين السماء والأرض ثُمَّ ينـزل إليه، فيغطه الثلاث المرات، ثُمَّ يقول له: اقرأ كما هو معلوم في الحديث، ويأتي النبي (ص) ، وفؤاده يرجف وهو خائف هلع في هذه الحادثة التي لا عهد له بها.
فأتى إِلَى السيدة خديجة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها، وكانت نِعم الزوجة، وصارحها النبي (ص) ، وعرض عليها المشكلة.
وقَال (لقد خشيت عَلَى نفسي(، فلا يدري (ص)ما هذا الأمر، ويخشى أمراً لا يدري ما نهايته وهل له من نهاية أم يقف عند هذا الحد؟ كل ذلك غيب بالنسبة له (ص) ؛ لأنه ما كَانَ يرجو أن يلقى الله إليه الكتاب، ولا كَانَ يتوقع ذلك، ولا علم له بأمثال هذه الأمور المغيبة.
الشاهد: أن خديجة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- لما أرادت أن تطمئن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ناحية، وأن تفكر فيه وترى الحق والبصيرة من ناحية أخرى، لأنها هي أيضاً قد تخاف وتخشى عليه أن يكون ماحدث له (ص)من الجان والشيطان، لكنها فكرت في ذلك بهذا العقل الراجح، وبهذه البصيرة التي لديها.
فقالت للنبي (ص)لما قال لهالقد خشيت عَلَى نفسي: كلا! والله لا يخزيك الله أبداً(أقسمت عَلَى ذلك وهي البارة الصدوق أن الله لا يخزيك أبداً، وذكرت هذه الصفات النبيلة الحميدة، التي من تحلى بها فلن يَخزى ولن يَذل أبداً(إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتُقري الضيف، وتُكسب المعدوم، وتُعين عَلَى نوائبِ الحق
تذكرة:
هذه الصفات، صفات عجيبة، لا يمكن أن تجتمع في إنسان، ويخزيه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
والأن يا أخى المريض أرجو أن تفكر فى معانى هذا الحديث العظيم وهذه الصفات التى ذكرتها السيدة خديجة والتى كان يتحلى بها الرسول (ص) وكانت سببآ ليقينها بأنه من يتصف بهذه الصفات لا يمكن أن يخزيه الله ابدا
فاليبحث كل منا عن ما ينقصه من هذه الصفات لعلنا نصل الى من لا يخزيهم الله أبدا.