علم ينتفع به
علم ينتفع به
علم ينتفع به
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم ينتفع به

المحاولة للتبليغ فقد قال صل الله عليه وسلم بلغوعني ولو اية.وعدم كتم العلم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دواء ( 36 -ا) ادعونى استجب لكم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 658
تاريخ التسجيل : 27/06/2016

دواء ( 36 -ا) ادعونى استجب لكم Empty
مُساهمةموضوع: دواء ( 36 -ا) ادعونى استجب لكم   دواء ( 36 -ا) ادعونى استجب لكم Emptyالإثنين أغسطس 22, 2016 5:35 pm

دواء ( 36 ) ادعونى استجب لكم
تذكرة:

إن أهم سلاح فى يدك الأن يا أخى المريض حتى تواجه شدة مرضك وتنتصر على ضعفك ووساوس الشيطان لك بأن مرضك ليس له علاج بعد أن طفت على عشرات الأطباء هو الدعاء ولكن حتى تستطيع الإستفادة من هذا السلاح (الدواء العظيم) فأننى ادعوك الى قراءة كل كلمة فى هذا الدواء بهدوء ومحاولة الفهم لأسلوب الدعاء والهدف منه وسوف استعين بخواطر الشيخ الفاضل متولى الشعراوى والذى سوف ييسر عليك الفهم الكامل لحقيقة الدعاء وكيف يمكن أن نستفيد منه فى شفائنا وتقليل ألامنا فأرجو منك أن تعيد قراءة هذه الأيات وخواطر الشيخ حولها عده مرات.

‏وقال ربكم ادعوني أستجب لكم‏‏(‏‏(‏غافر‏:‏ 60‏)‏‏)
‏ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين‏‏ ‏(‏‏(‏الأعراف‏:‏ 55‏)‏‏)‏‏.‏
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(البقرة:186)

ويقول فضيلة الشيخ الشعراوى فى خواطره:
ومادمت قد ذقت حلاوة ما أعطاك الحق من إشراقات صفائية في الصيام فأنت ستتجه إلى شكره سبحانه، وهذا يناسب أن يرد عليك الحق فيقول: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} ونلاحظ أن «إذا» جاءت، ولم تأت «إن» فالحق يؤكد لك أنك بعدما ترى هذه الحلاوة ستشكر الله؛ لأنه سبحانه يقول في الحديث القدسي: «ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين».

فما دام سبحانه سيجب الدعوة، وأنت قد تكون من العامة لا إمامة لك، وكذلك لست مظلوماً، إذن تبقى دعوة الصائم. وعندما تقرأ في كتاب الله كلمة «سأل» ستجد أن مادة السؤال بالنسبة للقرآن وردت وفي جوابها «قل». {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219]
وقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو} [البقرة: 219]
وقوله: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ} [البقرة: 215]
وكل {يَسْأَلُونَكَ} يأتي في جوابها {قُلْ} إلا آية واحدة جاءت فيها «فقل» بالفاء، وهي قول الحق: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً} [طه: 105]

انظر إلى الدقة الأدائية: الأولى « قل»، وهذه « فقل»، فكأن {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر} يؤكد أن السؤال قد وقع بالفعل، ولكن قوله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال}، فالسؤال هذا ستتعرض له، فكأن الله أجاب عن أسئلة وقعت بالفعل فقال: « قل»، والسؤال الذي سيأتي من بعد ذلك جاء وجاءت إجابته بــــ
« فقل» أي أعطاه جواباً مسبقاً، إذن ففيه فرق بين جواب عن سؤال حدث، وبين جواب عن سؤال سوف يحدث، ليدلك على أن أحداً لن يفاجئ الله بسؤال، { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}.


لكن نحن الآن أمام آية جاء فيها سؤال وكانت الإجابة مباشرة: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي }. فلم يقل: فقل: إني قريب؛ لأن قوله: «قل» هو عملية تطيل القرب، ويريد الله أن يجعل القرب في الجواب عن السؤال بدون وساطة {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}. لقد جعل الله الجواب منه لعباده مباشرة، وإن كان الذي سيبلغ الجواب هو رسوله (ص) ، وهذه لها قصة: لقد سألوا رسول الله (ص): أقريب ربك فنناجيه أم بعيد فنناديه؟
لأن عادة البعيد أن يُنادى، أما القريب فيناجى، ولكي يبين لهم القرب، حذف كلمة «قل»، فجاء قول الحق: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} وما فائدة ذلك القرب؟ إن الحق يقول: { أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ}.

ولكن ما الشروط اللازمة لذلك؟
لقد قال الحق: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي} ونعرف أن فيه فرقا بين «عبيد» و «عباد»، صحيح أن مفرد كل منهما «عبد»، لكن هناك «عبيد» و «عباد»، وكل من في الأرض عبيد الله، ولكن ليس كل من في الأرض عباداً لله، لماذا؟

لأن العبيد هم الذين يُقهرون في الوجود كغيرهم بأشياء، وهناك من يختارون التمرد على الحق، لقد أخذوا اختيارهم تمرداً، لكن العباد هم الذين اختاروا الإنقياد لله في كل الأمور.

إنهم منقادون مع الجميع في آن واحدا لا يتحكم متى يولد، ولا متى يموت، ولا كيف يوجد، لكن العباد يمتازون بأن الأمر الذي جعل الله لهم فيه اختياراً قالوا: صحيح يا رب أنت جعلت لنا الاختيار، وقد اخترنا منهجك، ولم نترك هوانا ليحكم فينا، أنت قلت سبحانك: «افعل كذا» و «لا تفعل كذا» ونحن قبلنا التكليف منك يا رب.

ولا يقول لك ربك: «افعل» إلا إذا كنت صالحاً للفعل ولعدم الفعل. ولا يقول لك: «لا تفعل» إلا إذا كنت صالحاً لهذه ولهذه. إذن فكلمة «افعل» و «لا تفعل» تدخل في الأمور الاختيارية، والحق قد قال: «افعل» و «لا تفعل» ثم ترك أشياء لا يقول لك فيها «افعل» و «لا تفعل»، فتكون حراً في أن تفعلها أو لا تفعلها، إسمها «منطقة الاختيار المباح»، فهناك اختيار قُيِّدَ بالتكليف بافعل ولا تفعل، واختيار بقى لك أن تفعله أو لا تفعله ولا يترتب عليه ضرر؛ فالذي أخذ الاختيار وقال: يا رب أنت وهبتني الاختيار، ولكنني تركت لك يا واهب الاختيار أن توجه هذا الاختيار كما تحب، أنا سأتنازل عن اختياري، وما تقول لي: «افعل» سأفعله، والذي تقول لي: «لا تفعله» لن أفعله.

إذن فالعباد هم الذين أخذوا منطقة الإختيار، وسلموها لمن خلق فيهم الإختيار، وقالوا لله: وإن كنت مختاراً إلا أنني أمنتك على نفسي. إن العباد هم الذين ردوا أمر الإختيار إلى من وهب الاختيار ويصفهم الحق بقوله: {وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}[الفرقان: 63-64]

هؤلاء هم عباد الرحمن، ولذلك يقول الحق للشيطان في شأنهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]
إذن فللشيطان سلطان على مطلق عبيد؛ لأنه يدخل عليهم من باب الاختيار ولم تأت كلمة {عِبَادِي} لغير هؤلاء إلا حين تقوم الساعة، ويحاسب الحق الذين أضلوا العباد فيقول:{أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي} [الفرقان: 17]

ساعة تقوم الساعة لا يوجد الاختيار ويصير الكل عباداً؛ حتى الكفرة لم يعد لهم اختيار.
وحين يقول الحق: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ} فالعباد الذين التزموا لله بالمنهج الإيماني لن يسألوا الله إلا بشيء لا يتنافى مع الإيمان وتكاليفه.

والحق يقول: { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي}؛ لأن الدعاء يطلب جواباً، ومادمت تطلب إجابة الدعاء فتأدب مع ربك؛ فهو سبحانه قد دعاك إلى منهجه فاستجب له إن كنت تحب أن يستجيب الله لك {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي}، وبعد ذلك يتكلم الحق سبحانه وتعالى في كلمة {الداع} ولا يتركها مطلقة، فيقول: {إِذَا دَعَانِ} فكأن كلمة «دعا» تأتي ويدعو بها الإنسان، وربما اتجه بالدعوة إلى غير القادر على الإجابة، ومثال ذلك قول الحق: {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194]

وقوله الحق: {إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ..} [فاطر: 14]
فكأن الداعي قد يأخذ صفة يدعو بها غير مؤهل للإجابة، والحق هنا قال: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ} أما إذا ذهب فدعا غير قادر على الوفاء فالله ليس مسئولا عن إجابة دعوته.

إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن الإنسان يدعو بالخير لنفسه، وأنت لا تستطيع أن تحدد هذا الخير؛ لأنك قد تنظر إلى شيء على أنه الخير وهو شر، ومادمت تدعو فأنت تظن أن ذلك هو الخير، إذن فالأصل في الدعاء هي أنك تحب الخير، ولكنك قد تخطيء الطريق إلى فهم الخير أو الوسيلة إلى الخير، أنت تحب الخير لا جدال، لذلك تكون إجابة ربك إلى دعائك هي أن يمنع إجابة دعوتك إن كانت لا تصادف الخير بالنسبة لك، ولذلك يجب ألا تفهم أنك حين لا تجاب دعوتك كما رجوت وطلبت أن الله لم يستجب لك فتقول: لماذا لم يستجب الله لي؟ لا لقد استجاب لك، ولكنه نحَّى عنك حمق الدعوة أو ما تجهل بأنه شر لك. فالذي تدعوه هو حكيم؛ فيقول: «أنا سأعطيك الخير، والخير الذي أعلمه أنا فوق الخير الذي تعلمه أنت، ولذلك فمن الخير لك ألا تجاب إلى هذه الدعوة».

وأضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى: قد يطلب منك ابنك الصغير أن تشتري له مسدساً، وهو يظن أن مسألة المسدس خير، لكنك تؤخر طلبه وتقول له: فيما بعد سأشتري لك المسدس إن شاء الله، وتماطل ولا تأتيه بالمسدس، فهل عدم مجيئك بالمسدس له على وفق ما رأى هو منع الخير عنه؟
إن منعك للمسدس عنه فائدة وصيانة وخير للابن.

إذن، فالخير يكون دائماً على مقدار الحكمة في تناول الأمور، وأنت تمنع المسدس عن ابنك، لأنك قدرت أنه طفل ويلهو مع رفاقه وقد يتعرض لأشياء تخرجه عن طوره وقد يتسبب في أن يؤذيه أحد، وقد يؤذي هو أحداً بمثل هذا المسدس.

وكذلك يكون حظك من الدعاء لا يُستجاب لأن ذلك قد يرهقك أنت.. والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير وَكَانَ الإنسان عَجُولاً}[الإسراء:11]
ولذلك يقول سبحانه: { سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37]

والعلماء يقولون: إن الدعاء إن قصدت به الذلة والعبودية يكون جميلاً، أما الإجابة فهي إرادة الله، وأنت إن قدرت حظك من الدعاء في الإجابة عليه فأنت لا تُقدر الأمر. إن حظك من الدعاء هو العبادة والذلة لله؛ لأنك لا تدعو إلا إذا اعتقدت أن أسبابك كبشر لا تقدر على هذه، ولذلك سألت من يقدر عليها، وسألت من يملك، ولذلك يقول الله في الحديث القدسي: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين».
ولنتعلم ما علمه رسول الله لعائشة أم المؤمنين. لقد سألت رسول الله إذا صادفت ليلة القدر فقالت: إن أدركتني هذه الليلة بماذا أدعو؟
انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علم أم المؤمنين عائشة أن تدعو بمقاييس الخير الواسع فقال لها: «قولي: اللهم إنك تحب العفو فاعف عني».

ولا يوجد جمال أحسن من العفو، ولا يوجد خير أحسن من العفو، فلا أقول أعطني، أعطني؛ لأن هذا قد ينطبق عليه قول الحق: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير وَكَانَ الإنسان عَجُولا}[الإسراء: 11]
فمَنْ يقول: لقد دعوت ربي فلم يستجب لي، نقول له: لا تكن قليل الفطنة فمن الخير لك أنك لا تُجاب إلى ما طلبت فالله يعطيك الخير في الوقت الذي يريده.
وبعد ذلك يترك الحق لبعض قضايا الوجود في المجتمع أن تجيبك إلى شيء ثم يتبين لك منه الشر، لتعلم أن قبض إجابته عنك كان هو عين الخير، ولذلك فإن الدعاء له شروط، فالرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الطيب من الرزق.

فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة قوله: «ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغُذِي بالحرام فأني يستجاب له». إن الرسول (ص) يكشف أمامنا كيف يفسد جهاز الإنسان الذي يدعو، لذلك فعدم إجابة الدعوة إما لأن جهاز الدعوة جهاز فاسد، وإما لأنك دعوت بشيء تظن أن فيه الخير لك لكن الله يعلم أنه ليس كذلك، ولهذا يأخذ بيدك إلى مجال حكمته، ويمنع عنك الأمر الذي يحمل لك الشر.

وشيء آخر، قد يحجب عنك الإجابة، لأنه إن أعطاك ما تحب فقد أعطاك في خير الدنيا الفانية، وهو يحبك فيُبقي لك الإجابة إلى خير الباقية، وهذه ارتقاءات لا ينالها إلا الخاصة، وهناك ارتقاءات أخرى تتمثل في أنه ما دام الدعاء فيه ذلة وخضوع فقد يطبق الله عليك ما جاء في الحديث القدسي:
ينزل الله تعالى في السماء الدنيا فيقول: مَنْ يدعوني فأستجيب له أو يسألني فأعطيه؟ ثم يقول: مَنْ يقرض غير عديم ولا ظلوم».
ولأن الإنسان مرتبط بمسائل يحبها، فما دامت لم تأت فهو يقول دائماً يا رب. وهذا الدعاء يحب الله أن يسمعه من مثل هذا العبد فيقول: «إن من عبادي من أحب دعاءهم فأنا أبتليهم ليقولوا: يا رب». إن الإنسان المؤمن لا يجعل حظه من الدعاء أن يجاب، إنما حظه من الدعاء ما قاله الحق: { قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ}[الفرقان:77]

إن معنى الربوبية والمربوبية أن تقول دائما: «يا رب». واضرب هذا المثل ولله المثل الأعلى الأب قد يعطي ابنه مصروف اليد كل شهر، والابن يأخذ مصروف اليد الشهري ويغيب طوال الشهر ولا يحرص على رؤية والده. لكن الأب حين يعطي مصروف اليد كل يوم، فالابن ينتظر والده، وعندما يتأخر الوالد قليلاً فإن الابن يقف لينتظر والده على الباب؛ لقد ربط الأب ابنه بالحاجة ليأنس برؤياه.

والحق سبحانه يضع شرطا للاستجابة للدعاء، وهو أن يستجيب العبد لله سبحانه وتعالى فيما دعاه إليه. عندئذ سيكون العباد أهلاً للدعاء، ولذلك قال الحق في الحديث القدسي: «مَنْ شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين».

ومثال ذلك سيدنا إبراهيم عليه السلام حين أُلقي في النار، قال له جبريل: ألك حاجة؟. لم ينف أن له حاجة، فلا يوجد استكبار على البلوى، ولكنه قال لجبريل: أما إليك فلا، صحيح أن له حاجة إنما ليست لجبريل، لأنه يعلم جيداً أن نجاته من النار المطبوعة على أن تحرق وقد ألقي فيها، هي عملية ليست لخلق أن يتحكم فيها ولكنها قدرة لا يملكها إلا من خلق النار. فقال لجبريل: أما إليك فلا، وعلمه بحالي يغني عن سؤالي. لذلك جاء الأمر من الحق: { قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69]

ولنتعلم من الإمام علي كرم الله وجهه حين دخل عليه إنسان يعوده وهو مريض فوجده يتأوه، فقال له: أتتأوه وأنت أبو الحسن. قال: أنا لا أشجع على الله.
إذن فقوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} تعني ضرورة الاستجابة للمنهج، {وَلْيُؤْمِنُواْ بِي} أي أن يؤمنوا به سبحانه إلها حكيما. وليس كل من يسأل يستجاب له بسؤاله نفسه؛ لأن الألوهية تقتضي الحكمة التي تعطي كل صاحب دعوة خيراً يناسب الداعي لا بمقاييسه هو ولكن بمقاييس من يجيب الدعوة

ويذيل الحق الآية بقول: { لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} فما معنى { يَرْشُدُونَ}؟ إنه يعني الوصول إلى طريق الخير وإلي طريق الصواب. وهذه الآية جاءت بعد آية {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ} كي تبين لنا أن الصفائية في الصيام تجعل الصائم أهلاً للدعاء، وقد لا يكون حظك من هذا الدعاء الإجابة، وإنما يكون حظك فيه العبادة.

إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(أل عمران:35)

ويقول فضيلة الشيخ:
وعندما تقرأ «إذ» فلتعلم أنها ظرف ويُقدر لها في اللغة «أذكر»، ويقال «إذ جئتك» أي «أذكر أني جئتك». وعندما يقول الحق: {إِذْ قَالَتِ امرأت عِمْرَانَ} فبعض الناس من أهل الفتح والفهم يرون أن الحق سبحانه سميع عليم وقت أن قالت امرأة عمران: «رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي»، وهم يحاولون أن يربطوا هذه الآية بما جاء قبلها، بأن الله سميع وعليم. ونقف عند قول امرأة عمران: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً}.
إننا عندما نسمع كلمة «مُحَرَّراً» فمعناها أنه غير مملوك لأحد فإذا قلنا: «حررت العبد» يعني ينصرف دون قيد عليه. أو «حررت الكتاب» أصلحت ما فيه. إن تحرير أي أمر، هو إصلاح ما فيه من فساد أو إطلاقه من أي ارتباط أو قيد. أما قولها: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً} هو مناجاة لله، فما الدافع إلى هذه المناجاة لله؟

إن امرأة عمران موجودة في بيئة ترى الناس تعتز بأولادها، وأولاد الناس - كما نعلم - يحكمون حركة الناس، والناس تحكم حركة أولادهم، ويكد الناس من أجل أن يكون الأبناء عزوة، وقرة عين، ويتقدم المجتمع بذلك التواصل المادي، ولم تعجب امرأة عمران بذلك، لقد أرادت ما في بطنها محررا من كل ذلك، إنها تريده محررا منها، وهي محررة منه. وهذا يعني أنها ترغب في أن يكون ما في بطنها غير مرتبط بشيء أو بحب أو برعاية.
لماذا؟ لأن الإنسان مهما وصل إلى مرتبة اليقين، فإن المسائل التي تتصل بالناس وبه، تمر عليه، وتشغله، لذلك أرادت امرأة عمران أن يكون ما في بطنها محررا من كل ذلك، وقد يقال: إن امرأة عمران إنما تتحكم بهذا النذر في ذات إنسانية كذاتها، ونرد على ذلك بما يلي:

لقد كانوا قديما عندما ينذرون ابنا للبيت المقدس فهذا النذر يستمر ما دامت لهم الولاية عليه، ويظل كما أرادوا إلى أن يبلغ سن الرشد، وعند بلوغ سن الرشد فإن للابن أن يختار بين أن يظل كما أراد والداه أو أن يحيا حياته كما يريد.

إن بلوغ سن الرشد هو اعتراف بذاتية الإنسان في اتخاذ القرار المناسب لحياته. كانت امرأة عمران لا تريد مما في بطنها أن يكون قرة عين، أو أن يكون معها، إنها تريده محررا لخدمة البيت المقدس، وكان يستلزم ذلك في التصور البشري أن يكون المولود ذكرا؛ لأن الذي كان يقوم بخدمة البيت هم الذكران.

ونحن نعرف أن كلمة «الولد» يطلق أيضا على البنت، ولكن الاستعمال الشائع، هو أن يطلق الناس كلمة «ولد» على الذكر.
لكن معنى الولد لغويا هو المولود سواء أكان ذكرا أم أنثى. وعندما نسمع كلمة «نذر» فلنفهم أنها أمر أريد به الطاعة فوق تكليف المكلف من جنس ما كلّفه به الله.

إن الله قد فرض علينا خمس صلوات، فإذا نذر إنسان أن يصلي عددا من الركعات فوق ذلك، فإن الإنسان يكون قد ألزم نفسه بأمر أكثر مما ألزمه به الله، وهو من جنس ما كلف الله وهو الصلاة. والله قد فرض صيام شهر رمضان، فإذا ما نذر إنسان أن يصوم يومي الاثنين والخميس أو صيام شهرين فالإنسان حر، ولكنه يختار نذرا من جنس ما فرض الله من تكاليف، وهو الصيام. والله فرض زكاة قدرها باثنين ونصف بالمائة، ولكن الإنسان قد ينذر فوق ذلك، كمقدار عشرة بالمائة أو حتى خمسين بالمائة.

إن الإنسان حر، ولكنه يختار نذرا من جنس ما فرض الله من تكاليف، إن النذر هو زيادة عما كلف المكلف من جنس ما كلف سبحانه. وكلمة «نذرت» من ضمن معانيها هو أن امرأة عمران سيدة تقية وورعة ولم تكن مجبرة على النذر، ولكنها فعلت ذلك، وهو أمر زائد من أجل خدمة بيت الله.
والنذر كما نعلم يعبر عن عشق العبد لتكاليف الله، فيلزم نفسه بالكثير من بعضها. ودعت امرأة عمران الله من بعد ذلك بقبول ذلك النذر فقالت: «فتقبل مني». «والتقبل» هو أخذ الشيء برضا، لأنك قد تأخذ بكره، أو تأخذ على مضض، أما أن «تتقبل» فذلك يعني الأخذ بقبول وبرضا. واستجابة لهذا الدعاء جاء قول الحق: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37].

ونلاحظ أن امرأة عمران قالت في أول ما قالت: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم}، ولم تقل: «يا الله» وهذا لنعلم أن الرب هو المتولى التربية، فساعة ينادي «ربي» فالمفهوم فيها التربية. وساعة يُنادي ب «الله» فالمفهوم فيها التكليف. إن «الله» نداء للمعبود الذي يطاع فيما يكلف به، أما «رب» فهو المتولي التربية.

قالت امرأة عمران: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السميع العليم}. هذا هو الدعاء، وهكذا كانت الاستجابة: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} وبعد ذلك تكلم الحق عن الأشياء التي تكون من جهة التربية. {وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً.. وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا}. كل ذلك متعلق بالتربية وبالربوبية، فساعة نادت امرأة عمران عرفت كيف تنادي ونذرت ما في بطنها. وبعد ذلك جاء الجواب من جنس ما دعت بقمة القبول وهو الأخذ برضا.
{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ}.

فالحسن هنا هو زيادة في الرضا، لأن كلمة «قبول» تعطينا معنى الأخذ بالرضا، وكلمة «حسن» توضح أن هناك زيادة في الرضا، وذلك مما يدل على أن الله قد أخذ ما قدمته امرأة عمران برضا، وبشيء حسن، وهذا دليل على أن الناس ستلمح في تربيتها شيئا فوق الرضا، إنه ليس قبولا عاديا، إنه قبول حسن. {وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً}. مما يدل على أن امرأة عمران كانت تقصد حين نذرت ما في بطنها، ألا تربي ما في بطنها إلى العمر الذي يستطيع فيه المولود أن يخدم في بيت الله. ولكنها نذرت ما في بطنها من اللحظة الأولى للميلاد. إنها لن تتنعم بالمولود، ولذلك قال الحق: {وكفلها زكريا}، وزكريا هو زوج خالة السيدة مريم. وبعد دعاء امرأة عمران، يجيء القول الحكيم:
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(أل عمران:36)

يقول الشيخ:
لقد جاء هذا القول منها، لأنها كانت قد قالت إنها نذرت ما في بطنها محررا لخدمة البيت، وقولها: «محررا» تعني أنها أرادت ذكرا لخدمة البيت، لكن المولود جاء أنثى. فكأنها قد قالت: ان لم أُمَكّنْ من الوفاء بالنذر، فلأن قدرك سبق، لقد جاءت المولودة أنثى. لكن الحق يقول بعد ذلك: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ}. وهذا يعني أنها لا تريد إخبار الله، ولكنها تريد أن تظهر التحسر، لأن الغاية من نذرها لم تتحقق وبعد ذلك يقول الحق: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}. فهل هذا من كلامها، أم من كلام الله؟
قد قالت: {إِنِّي وَضَعْتُهَآ أنثى} وقال الله: {وليس الذكر كالأنثى}.
إن الحق يقول لها: لا تظني أن الذكر الذي كنت تتمنينه سيصل إلى مرتبة هذه الأنثى، إن هذه الأنثى لها شأن عظيم. أو أن القول من تمام كلامها: {إِنِّي وَضَعْتُهَآ أنثى} ويكون قول الحق: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} هو جملة اعتراضية ويكون تمام كلامها {وليس الذكر كالأنثى}. أي أنها قالت: يارب إن الذكر ليس كالأنثى، إنها لا تصلح لخدمة البيت.

وليأخذ المؤمن المعنى الذي يحبه، وسنجد أن المعنى الأول فيه إشراق أكثر، إنه تصور أن الحق قد قال: أنت تريدين ذكرا بمفهومك في الوفاء بالنذر، وليكون في خدمة البيت، ولقد وهبت لك المولود أنثى، ولكني سأعطي فيها آية أكبر من خدمة البيت، وأنا أريد بالآية التي سأعطيها لهذه الأنثى مساندة عقائد، لا مجرد خدمة رقعة تقام فيها شعائر.

إنني سأجعل من هذه الآية مواصلة لمسيرة العقائد في الدنيا إلى أن تقوم الساعة. ولأنني أنا الخالق، سأوجد في هذه الأنثى آية لا توجد في غيرها، وهي آية تثبت طلاقة قدرة الحق، ولقد قلت من قبل: إن طلاقة القدرة تختلف عن القدرة العادية، إن القدرة تخلق بأسباب، ولكن من أين الأسباب؟ إن الحق هو خالق الأسباب أيضا.

إذن فما دام الخالق للأسباب أراد خلقا بالأسباب فهذه إرادته. ولذلك أعطانا الحق القدرة على رؤية طلاقة قدرته؛ لأنها عقائد إيمانية، يجب أن تظل في بؤرة الشعور الإيماني، وعلى بال المؤمن دائما. لقد خلق الله بعضا من الخلق بالأسباب كما خلقنا نحن، وجمهرة الخلق عن طريق التناسل بين أب وأم، أما خلق الحق لآدم عليه السلام فقد خلقه بلا أسباب. ونحن نعلم أن الشيء الدائر بين اثنين له قسمة عقلية ومنطقية، فما دام هناك أب وأم، ذكر وأنثى، فسيجيء منهما تكاثر.. إن الحق يقول: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات: 49].

وعندما يجتمع الزوجان، فهذه هي الصورة الكاملة، وهذه الأولى في القسمة المنطقية والتصور العقلي، وإما أن ينعدم الزوجان فهذه هي الثانية في القسمة المنطقية والتصور العقلي.

أو أن ينعدم الزوج الأول ويبقى الطرف الثاني، وهذه هي الثالثة في القسمة المنطقية والتصور العقلي، أو أن ينعدم الزوج الثاني ويبقى الطرف الأول، وهذه هي الرابعة في القسمة المنطقية والتصور العقلي.

تلك إذن أربعة تصورات للقسمة العقلية. وجميعنا جاء من اجتماع العنصرين، الرجل والمرأة. أما آدم فقد خلقه الله بطلاقة قدرته ليكون السبب. وكذلك تم خلق حواء من آدم. وأخرج الحق من لقاء آدم وحواء نسلا. وهناك أنثى وهي مريم ويأتي منها المسيح عيسى ابن مريم بلا ذكر. وهذه هي الآية في العالمين، وتثبت قمة عقدية. فلا يقولن أحد: ذكراً، أو أنثى، لأن نية امرأة عمران في الطاعة أن يكون المولود ذكرا، وشاء قدر ربكم أن يكون أسمى من تقدير امرأة عمران في الطاعة، لذلك قال: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}. أي أن الذكر لن يصل إلى مرتبة هذه الأنثى.

وقالت امرأة عمران: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشيطان الرجيم}. إن امرأة عمران قالت ما يدل على شعورها، فحينما فات المولودة بأنوثتها أن تكون في خدمة بيت الله فقد تمنت امرأة عمران أن تكون المولودة طائعة، عابدة، فسمتها «مريم» لأن مريم في لغتهم - كما قلنا - معناها «العابدة».

وأول ما يعترض العبودية هو الشيطان. إنه هو الذي يجعل الإنسان يتمرد على العبودية. إن الإنسان يريد أن يصير عابدا، فيجيء الشيطان ليزين له المعصية. وأرادت إمرأة عمران أن تحمي ابنتها من نزغ الشيطان لأنها عرفت بتجربتها أن المعاصي كلها تأتي من نزغ الشيطان، وقد سمتها «مريم» حتى تصبح «عابدة لله»، ولأن إمرأة عمران كانت تمتلك عقلية إيمانية حاضرة وتحمل المنهج التعبدي كله لذلك قالت: {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشيطان الرجيم}. إن المستعاذ به هو الله، والمستعاذ منه هو الشيطان، وحينما يدخل الشيطان مع خلق الله في تزيين المعاصي، فهو يدخل مع المخلوق في عراك، ولكن الشيطان لا يستطيع أن يدخل مع ربه في عراك، ولذلك يقال عن الشيطان إنه إذا سمع ذكر الله فإنه يخنس أي يتراجع، ووصفه القرآن الكريم بأنه «الخنَّاس»، إن الشيطان إنما ينفرد بالإنسان حين يكون الإنسان بعيدا عن الله، ولذلك فالحق يُعَلِّمُ الإنسان: {وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200].

إن الشيطان يرتعد فرقا ورعشة من الإستعاذة بالله. وعندما يتكرر ارتعاد الشيطان بهذه الكلمة؛ فإنه يعرف أن هذا الإنسان العابد لن يحيد عن طاعة الله إلى المعاصي. وقد علمنا رسول الله (ص) كيف يجيء الرجل امرأته، ومجيء الأهل هو مظنة لمولود قد يجيء، فيقول العبد: «اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني» (من دعاء الرسول).

إن من يقول هذا القول قبل أن يحدث التخلق «فلن يكون للشيطان ولاية أو قدرة على المولود الذي يأتي بإذن الله. ولذلك قالت إمرأة عمران: {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشيطان الرجيم}. والذرية قد يفهمها الناس على أنها النسل المتكاثر، ولكن كلمة» ذرية «تطلق على الواحد وعلى الاثنين، وعلى الثلاثة أو أكثر. والذرية هنا بالنسبة لمريم عليها السلام هي عيسى عليه السلام، وتنتهي المسألة. وبعد دعاء إمرأة عمران {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشيطان الرجيم} يجيء القول الحق: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا...}
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(أل عمران:37)

وقد عرفنا القبول الحسن والإنبات الحسن، أما قوله الحق: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} فهذا يعني أن المسألة جاءت من أعلى، إنه الرب الذي تقبل بقبول حسن، وهو الذي أنبتها نباتا حسنا. إذن، فرعاية زكريا لها إنما جاءت بأمر من الله. والدليل على ما حدث عند كفالة مريم. لقد اجتمع كبار القوم رغبة في كفالتها وأجروا بينهم قرعة من أجل ذلك. وساعة تجد قرعة، أو إسهاما. فالناس تكون قد خرجت من مراداتها المختلفة إلى مراد الله. فعندما نختلف على شيء فإننا نجري قرعة، ويخصص سهم لكل مشترك فيها، ونرى بعد ذلك من الذي يخرج سهمه، ويلجأ الناس لهذا الأمر؛ ليمنعوا هوى البشر عن التدخل في الاختيار، ويصبح الأمر خارجا عن مراد البشر إلى مراد الله سبحانه وتعالى، وهذا ما حدث عند كفالة زكريا لمريم. ولذلك فالحق يقول لسيدنا رسول الله (ص): { ذلك مِنْ أَنَبَآءِ الغيب نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}
[آل عمران: 44].

إذن فالكفالة لمريم أخذت لها ضجة، وهذا دليل على أنهم اتفقوا على إجراء قرعة بالنسبة لكفالتها، ولا يمكن أن يكونوا قد ذهبوا إلى هذه القرعة إلا إذا كان قد حدث تنازع بينهم، عن أيهم يكفل مريم، ومن فضل الله أن زكريا عليه السلام كان متزوجا من «إشاع» «أخت» «حنة» وهي أم مريم، فهو زوج خالتها.

وكلمة «أقلامهم» قال فيها المفسرون: إنها القداح التي كانوا يصنعونها قديما، أو الأقلام التي كتبوا بها التوراة، فرموها في البحر، فمن طفا قلمه لم يأخذ رعاية مريم، ومن غرق قلمه في البحر فهو الذي فاز بكفالة مريم. إذن فهم قد خرجوا عن مراداتهم إلى مراد الله.
والخروج عن المرادات، والخروج عن الأهواء بجسم ليس له اختيار - كقداح القرعة - لا يوجد في النفس غضاضة. لكن لو كان هناك من سيأخذ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahmed/talaat.forumegypt.net
 
دواء ( 36 -ا) ادعونى استجب لكم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 37 -ا دعونى استجب لكم
» دواء .. الطبيب
» دواء مصري لعلاج مرض السكري
» دواء ( 54 ) والله لا يخزيك الله أبدًا
» دواء جديد زهيد الثمن لعلاج سرطان الثدى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
علم ينتفع به :: ما انزل الله من داء إلا وانزل دواء-
انتقل الى: