علم ينتفع به
علم ينتفع به
علم ينتفع به
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم ينتفع به

المحاولة للتبليغ فقد قال صل الله عليه وسلم بلغوعني ولو اية.وعدم كتم العلم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اعجاز القرءان على مر الزمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 658
تاريخ التسجيل : 27/06/2016

اعجاز القرءان على مر الزمان Empty
مُساهمةموضوع: اعجاز القرءان على مر الزمان   اعجاز القرءان على مر الزمان Emptyالسبت أغسطس 27, 2016 11:01 pm

إعجاز القرآن على مر الزمان

بقلم أ.د. كارم السيد غنيم

شغلت قضية الإعجاز القرآني مساحة كبيرة من الفكر الإسلامي والإنساني على مر العصور، ولا تزال تشغله حتى عصرنا الحاضر، ولقد تدارسها كثير من العلماء والفلاسفة وأصحاب الكلام، وكان لكل منهم رأي ووجهة نظر، وتصدى لدراستها أيضاً علماء المسلمين، على اختلاف مذاهبهم ونحلهم، وأفردوا لها عشرات البحوث والرسائل والكتب والمصنفات، وتعمقوا في دراسة القرآن دراسة موضوعية شاملة، لعلهم يصلون إلى تحديد كنه الإعجاز ووجوهه[2]... ولكن لماذا تكلم المسلمون في إعجاز القرآن، ولماذا اتجه علماؤهم إلى دراسة هذا الموضوع، حتى تخصص نفر منهم في هذا الحقل الخصيب من الدراسات والبحوث؟.

يجيب الدكتور أحمد العمري عن هذا السؤال بقوله: حين دخل الناس في دين أفواجاً، وكان من بين الداخلين أناس من الفرس والروم وغيرهم ممن كانوا في الأمصار المفتوحة، أدى ذلك إلى امتزاج ثقافة الأمة العربية بغيرها من الأمم... حينئذ أخذ الإسلام يتعرض لحركة طعن وتشكيك من الشعوبيين ( المتشيعين لشعوبهم وجنسياتهم ) وأصحاب الديانات القديمة، وكان طبيعياً أن يتجه هم الطاعنين إلى ذلك الكتاب الذي أحدث تلك النهضة العربية، وأدال من دولهم وأديانهم، وأحبوا أن ينقضوا معجزة هذا الدين.... ومن ثم راح الملحدون يلتوون بمعانيه، ويحكمون عليه بالتناقض واللحن وفساد النّظم.. وشحن الجو الإسلامي بما أثارووه من شكوك، وخاصة بغداد ـ عاصمة الدولة الإسلامية وملتقى التيارات الثقافية الوافدة على الفكر العربي آنذاك... فأخذ المسلمون يبحثون ويدرسون، واختلفت آراؤهم وتضاربت، كل منهم يرى للإعجاز القرآني وجهاً أو وجوهاً.. وقد حفزهم إلى ذلك حافزان:
أولهما: الدفاع عن القرآن العظيم.


وثانيهما: معرفة كنه هذا الإعجاز القرآني وسماته وخصائصه وأبرز وجوهه[3].
وإننا لنؤكد دوماً أن للإعجاز القرآني في كل عصر وجه ينكشف للناس، ودليل جديد على صدق معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم... والآن نتعرف على آراء أبرز العلماء المسلمين، قداماهم ومحدثيهم، فيما يتعلق بالإعجاز القرآني كما يلي:


* الخطابي (319 ـ 318هـ)
ناقش الخطابي آراء السابقين في هذه القضية، وفنّد بعضها وأكد الأخرى، مثل تأكيده لمعجزة القرآن المتمثلة في امتناعه على الناس الإتيان بمثله، ومثل الإعجاز في ذات القرآن. ولكنه دحض فكرة الإعجاز بالصرفة ( وهي التي قال بها كبير المعتزلة أبو إسحاق النظام، وهي: أن الله صرف همة الناس عن معارضة القرآن، على الرغم من مقدرتهم على معارضته، ولكن العائق هو صرف الله لهم عن ذلك )، وكذلك فقد أكد الخطابي الإعجاز القرآني بالإخبار عن المغيبات السابقة واللاحقة، ولم يشك في ذلك ـ كما أنه عوّل على بلاغة القرآن تعويلاً كبيراً، وجعل ذلك من أهم وجوه الإعجاز في القرآن الكريم، ولكنه جاء بوجه جديد ومنهم جداً من وجوه الإعجاز، وهو الذي يتصل بالوجدان والقلب والتأثير في النفوس.

* الرماني ( 296 ـ 386ه)ـ:
عرض الرماني وجهة نظره في وجوه الإعجاز التي يختص بها القرآن الكريم، وحصرها في البلاغة القرآنية، من إيجاز وتشبيه واستعارة وتلازم، وفواصل وتجانس وتصريف وتضمين ومبالغة وحسن بيان، وكذلك تكلم في تحدي القرآن لكافة الناس أن يأتوا بمثله أو بسورة من مثله، والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة.

* الباقلاني (ت403ه) :
هو صاحب المؤلف الشهير ) إعجاز القرآن )، وقد حدد الإعجاز القرآني في ثلاثة وجوه: الإخبار عن المغيبات، وأمية الرسول صلى الله عليه وسلم، والنظم. ولقد أرجع الباقلاني جمال النظم القرآني إلى عشرة وجوه متكاملة تتسم بالدقة والعمق معاً، وتدل على ترابط الجزئيات وتكاملها.

* القاضي عبد الجبار (ت415ه):
أوضح عبد الجبار ـ القاضي ـ رأيه في الإعجاز في الفصل السادس عشر من كتابه ( المغني )، وأنه ينحصر في جزالة اللفظ وحسن المعنى إلى درجة لم تبلغها بلاغة البلغاء أو فصاحة الفصحاء.


* الجرجاني ( ت 471ه) :
كان من العلماء الذين تناولوا إبراز وجوه الإعجاز في القرآن تناولاً دقيقاً، وهذا واضح في كتابه ( دلائل الإعجاز )، وكتابه ( الرسالة الشافية )، ولكنه ركّز في بحثه للموضوع على خاصية ( النظم )، وجعلها الوجه المشرق الوحيد للإعجاز القرآني.


* القاضي عياض ( 496 ـ 544هـ)
حين ألف القاضي عياض كتابه الشهير ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم )، عقد فيه فصلاً عن إعجاز القرآن، وحصر أوجهه في أربعة:
حسن التأليف والفصاحة والبلاغة الخارقة، النظم العجيب، الإخبار بالمغيبات السابقة، الإنباء بالأخبار القادمة.
وفي موضع آخر من كتابه أضاف أوجهاً أخرى لإعجاز القرآن منها تحديه للبلغاء وأهل الفصاحة أن يأتوا ولو بثلاث آيات من مثله، تأثيره النفسي في قارئيه وسامعيه ومتدبريه، وبقائه على مر الزمان دون أن يخلق على كثرة الرد.


* أبو حامد الغزالي ( 450 ـ 505ه)ـ:
يعد الإمام أبو حامد الغزالي من أقدر رواد هذا الاتجاه، وقد بث أفكاره وعرض آراءه في كتابه ( الإحياء ) و (الجواهر )، فهو يقول في ( إحياء علوم الدين ) بعد أن بين انشعاب العلوم الدينية: العلوم الدنيوية كلها متشعبة في القرآن.
ويقول أيضاً: كل ما أشكل فهمه على النظّار، واختلف فيه الخلائق من النظريات والمقولات، في القرآن إليه رموز ودلالات عليه، يختص أهل الفهم بإدراكها.
ويستشهد الإمام لاشتمال القرآن على جميع العلوم بقول ابن مسعود: ( من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن .


ويذكر الغزالي في كتابه ( جواهر القرآن ): أن علوم الطب والنجوم وهيئة العالم، وهيئة بدن الحيوان، وتشريح أعضائه، وعلم السحر، وعلم الطلسمات، وغير ذلك، يشير إليه القرآن بقول الله سبحانه: )وإذا مرضت فهو يشفين ( (الشعراء (80): ويشير إلى علم الطب المتضمن لأسباب المرض ووسائل الشفاء، وقوله سبحانه: )الشمس والقمر بحسبان (الرحمن(5) : ونحوه مما يشير إلى علم الهيئة ( أي: الفلك )، وتركيب السماوات والأرض الكوزمولوجيا والجيولوجيا .

وهو ـ رحمه الله ـ ير: أن جميع العلوم المعروفة والتي سيسفر عنها الزمان مع تعاقب العصور، موجودة في القرآن، لا بالتصريح، وإنما ( بالقوة )، أو كما يقول: إن جميع العلوم التي عرفها البشر، والتي هم في الطريق إلى معرفتها ليست في أوائلها خارجة عن القرآن، فإن جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى، وهو بحر الأفعال.


* السكاكي ( ت 626ه)ـ:
بحث السكاكي الموضوع في كتابه ( مفتاح العلوم )، ومال إلى القول بالنظم، وجعل الإعجاز لا يدرك إلا بالذوق، وطول خدمة البلاغة، وممارسة الكلام البليغ.


* الفخر الرازي (543 ـ 606ه)ـ:
الفخر الرازي هو صاحب( التفسير الكبير ) المسمى أيضاً ( مفاتيح الغيب )، وهو يرى وجود جميع العلوم في القرآن بالقوة، كوجود الشجرة في النواة ( البذرة)، وقد عرض في تفسيره الكبير مباحث كثيرة ـ حسب ثقافة عصره وما بلغته العلوم في زمانه ـ في شترى نواحي العلوم الطبيعية والمعارف الكونية، وللرازي أيضاً كتاب في هذا المجال هو ( نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز).


* ابن أبي الأصبح المصري ( ت 654ه)ـ :
أكد ابن أبي الأصبع الإعجاز البياني للقرآن الكريم، وقد تبعه في هذا الرأي العلوي اليمني ( 629 ـ 729هـ ) صاحب كتاب ( الطراز )، ولم يخرج كل من شمس الدين الأصفهاني ( ت 749 هـ )، والزركشي ( 745 ـ 794هـ ) عما قال أسلافهم من العلماء...


* أبو الفضل المرسي ( ت 655 ه)ـ :
يقول أبو الفضل المرسي في تفسيره: جمع القرآن علوم الأولين والآخرين، بحيث لم يحط به علماً إلا المتكلم به، ثم قال: أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة، واستحكام القوة، وذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعيل الكيفيات المتضادة، وقد جمع ذلك في آية واحدة هي قول الله تعالى: (وكان بين ذلك قواماً)(الفرقان67) : .ثم قرر مثل ذلك في علوم الهيئة ( الفلك ) والهندسة والجبر والمقابلة...


* جلال الدين السيوطي ( ت 911ه)ـ:
الإمام جلال الدين السيوطي يرى هو الآخر ما يراه كل من الغزالي والرازي، ويستدل لذلك بقول الله تعالى: ).... ما فرطنا في الكتاب من شيء ....(الأنعام(38) ويستدل بأحاديث نبوية، منها:
ما أخرجه أبو الشيخ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لو أغفل شيئاً لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة ).
ومن الآثار الدالة على ذلك: ما أورده ابن مسعود، إذ قال: ( أنزل في القرآن كل علم، وبُيّن لنا فيه كل شيء، ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن .


ويقول السيوطي في كتابه المشهور: ( الإتقان في علوم القرآن ): اشتمل الكتاب العزيز على كل شيء.


أما أنواع العلوم، فليس منها باب ولا مسألة هي أصلن إلا وفي القرآن ما يدل عليها، وفيه عجائب المخلوقات، وملكوت السماوات والأرض، وما في الأفق الأعلى، وما تحت الثرى.. إلى غير ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات.

الألوسي ( 1217 ـ 1270ه)ـ :

عرض العلامة الألوسي في تفسيره ( روح المعاني ) لآراء من سبقه من الأعلام، وارتضى رأياً موجزة: أن القرآن معجز بجملته وأبعاضه، حتى أقصر سورة منه، معجز بالنظر إلى نظمه وبلاغته، وإخباره بالغيب، وموافقته لقضية العقل، ودقيق المعنى، وقد تستتر كلها في آية، وقد يستتر البعض، كالإخبار عن الغيب.


* عبد الرحمن الكواكبي ( القرن الرابع عشر الهجري) :
المصلح الاجتماعي السوري المعروف، وهو في مقدمة المحدثين الذين نادوا باستعمال معطيات العلم الحديث في شرح آيات القرآن التي تتحدث عن الكون والطبيعة والأنفس وما شابه ذلك.


يقول الكواكبي في كتابه المعروف ( طبائع الاستبداد ): إن القرآن الكريم شمس العلوم، وكنز الحكم، وهو يرى أن العلماء إنما امتنعوا عن التفسير العلمي تخوفاً من مخالفة رأي السلف القاصرين في العلم، فيكفرون فيقتلون.


وهو يعرض أيضاً في كتابه هذا ما يؤيد أهمية اتجاه التفسير العلمي للقرآن الكريم.


يقول الكواكبي: إن مسألة إعجاز القرآن لم يستطع أن يوقّها حقها العلماء غير المجتهدين، الذي اقتصروا على ما قاله السلف من أن إعجازه في فصاحته وبلاغته، أو إخباره عن أن الروم بعد غلبهم سيغلبون... ولو أطلق للعلماء عنان التدقيق وحرية الرأي والتأليف، كما أطلق لأهل التأويل والخرافات، لرأوا في ألوف من آيات القرآن ألوف الآيات من الإعجاز، ولرأوا فيه كل يوم آية تتجدد مع الزمان والحدثان تبرهن على إعجازه بصدق قوله تعالى: (ولا رطب ولا يابس غلا في كتاب مبين) (الأنعام: 59)


ومثال ذلك: أن العلم كشف في هذه القرون الأخيرة حقائق وطبائع كثيرة ورد التصريح أو التلميح بأكثرها في القرآن، وما بقيت مستورة إلا لتكون عند ظهورها معجزة للقرآن شاهدة بأنه كلام رب العالمين، لا يعلم الغيب سواه....

* مصطفى صادق الرافعي ( القرن الرابع عشر الهجري ):
الأديب المعروف، الذي وضع كتابه المشهور ( إعجاز القرآن ) وذهب فيه إلى أن القرآن بآثاره النامية، معجزة أصلية في تاريخ العلم كله على بسيط هذه الأرض، من لدن ظهور الإسلام إلى ما شاء الله، كما أنه يقول: استخرج بعض علمائنا من القرآن ما يشير إلى مستحدثات الاختراع، وما يحقق بعض غوامض العلوم الطبيعية، وبسطوا كل ذلك بسطاً.

يشرح الرافعي في كتابه ( إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ) مسائل عديدة في الإعجاز القرآني، ويخلص إلى أن لقرآن معجزة بالمعنى الذي يُفهم من لفظ ( الإعجاز ) على إطلاقه حين ينفي الإمكان بالعجز عن غير الممكن، فهو أمر لا تبلغ منه الفطرة الإنسانية مبلغاً، وليس إلى ذلك مأتى ولا وجهة، وإنما هو اثر كغيره من الآثار الإلهية ليشاركها في إعجاز الصفة، وهيئة الوضع، وينفرد عنها بأن له مادة من الألفاظ كأنها مفرغة إفراغاً من ذوب تلك المواد كلها، وما نظنه إلا الصورة الروحية للعالم كله.. فالقرآن معجزة في تاريخه دون سائر الكتب ومعجز في أثره النفسي، ومعجز كذلك في حقائقه.
* الإمام أبو العزائم ( القرن الرابع عشر الهجري ):

تبدو النزعة العلمية، أو ما يمكن أن نسميه ( الإعجاز العلمي ) واضحة في وقفات الإمام المجدد محمد ماضي أبو العزائم عند الآيات الكونية، ولقد نالت آيات خلق الإنسان، وآيات الفلك والكونيات وآيات علوم الأرض والنباتات والحيوانات والمعادن، وعلاقة الأجرام السماوية بالكائنات الأرضية، منه إشارات عظيمة في ( أسرار القرآن ).


* طنطاوي جوهري ( القرن الرابع عشر الهجري ):
كان أستاذاً بدار العلوم بمصر، اشتهر في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري بتفسيره ( الجواهر في تفسير القرآن الكريم )، وكذلك بكتاب ( القرآن والعلوم العصرية ).

ولقد مهد لتفسير الجواهر بعدة مؤلفات ساعدت على توضيح هدفه في إبراز الجوانب العلمية للآيات الكونية في القرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات: ( جواهر العلوم )، ( التاج المرصع )، و(جمال العالم).

وقد كانت هذه المؤلفات وغيرها من كتابات العلامة طنطاوي جوهري، إرهاصات لوضع تفسير كامل للقرآن الكريم يحتوي من آيات العلوم على ما يزيد على خمسين وسبع مئة آية، على حين لا تزيد آيات علم الفقه الصريحة على مئة وخمسين آية.

وكان يرنو من وراء هذا إلى حث الشباب المسلم إلى دراسة العلوم الكونية، وفي نفس الوقت فهم الآيات القرآنية فهماً قرياً حتى يعدّوا العدة لاسترجاع، واستعادة توطين الحضارة في أرض السلام مرة أخرى بعد أن هاجرت منها.

* محمد عبده ( القرن الرابع عشر الهجري ):
الإمام المصلح الشيخ محمد عبده، له كتاب ( رسالة التوحيد )، وهو من المهتمين بإبراز أوجه الإعجاز في القرآن، ويرى أن القرآن معجز من عند الله، لأنه صدر عن نبي أمي، ولأنه يخبر عن الغيب، ولتقاصر القوى البشرية دون مكانته... لقد كانت للشيخ آراء تصحيحية غير قليلة، وكان من المهتمين بإبراز الإشارات العلمية الواردة بالقرآن، لكنه لم يكن متضلعاً بالعلوم الكونية، ولم يمارس البحوث التجريبية، ولم يدرس الجوانب الطبيعية أو الطبية، إنما كان ينقل من أهل التخصصات ليشرح ما يراه مناسباً لبعض الآيات. ويأخذ بعض العلماء على الشيخ محمد عبده إغراقه في التفسيرات العلمية التي أوقعته في عدد من الأخطاء، مثل ما وقع فيه عندما افترض أن ( نظرية التطور ) لداروين في أصل الإنسان يمكن أن يوجد لها تفسيراً قرآنياً، وعندما اعتبر الحجارة التي ألقتها الطير الأبابيل نوع من الميكروبات.... ويرى هؤلاء العلماء أن هذا وذاك وما شابهه يخالف الحقيقة القرآنية[4].

* عبد الحليم محمود ( القرن الرابع عشر الهجري ):
الإمام القدوة الشيخ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، الذي جمع بين علوم الشريعة والحقيقة معاً، غزير الإنتاج المطبوع والمسموع، قال ـ رضي الله عنه ـ في كتاب له عنوانه ( موقف الإسلام من الفن والعلم والفلسفة ):قد يتساءل إنسان عن نوعية العلم الذي يدعو إليه الإسلام... إن العلم الذي يدعو إليه الإسلام هم العلم بالطبيعة والأحياء والكيمياء والطب، وغير ذلك من العلوم المادية، وهو بالضرورة أيضاً علم الدين، من تفسير وحديث وفقه... إن الآية الكريمة: )إنما يخشى الله من عباده العلماء (إنما وردت في معرض الحديث عن الكونيات المادية... إن هؤلاء الذين يتصلون مثلاً بعلم التشريح من قريب أو يتخصصون فيه، يرون من الإحكام المحكم، ومن الدقة الدقيقة في مختلف الأجهزة الجسمية، وفي مفردات هذه الأجهزة، ما يضطرهم اضطراراً إلى السجود لرب هذا التنسيق والترتيب والإبداع.. وليس علم التشريح وحده الذي يبهر العالم المتبحر فيه، وإنما يبهر علم الفلك العالم الفلكي، وعالم الإحياء وهو يتأمل عوالمه، ويفاجأ كل يوم بجديد وغريب وبديع فيها... إن هؤلاء جميعاً وغيرهم يجدون أنفسهم لا محالة أمام صنع الله الذي أتقن كل شيء صنعاً، فيقولون مع القرآن الكريم: ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور. الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت، فارجع البصر هل ترى من فطور. ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير) ([الملك: 1 ـ 4][5].


* محمد فريد وجدي ( القرن الرابع عشر الهجري ):
الكاتب الإسلامي المعروف، ونلاحظ اهتمامه ـ رحمه الله ـ بهذا المجال من خلال ما علق به على كتاب ( الإسلام والطب الحديث )لصاحبه الدكتور عبد العزيز إسماعيل عند ظهوره.
يقول العلامةمحمد فريد وجدي: وهذا الكتاب يفتح للمتدبرين في آيات القرآن مجالاً فسيحاً لفهم آياته المشيرة إلى الكائنات الأرضية بما يسيغه العلم الحديث ويستهوي عقول الذين يقدسونه. فما أجدر أن ينشر بين طلبة الجامعات ليكون باعثاً لهم على تلاوة القرآن والاستهداء بنوره، وما أخلقه أيضاً أن يذاع بين طلاب العلم الديني ليجيب إليهم ويثبت لهم أنه أصبح أداة لإظهار مكنونات الكتاب وإذاعة آياته وإثبات إعجازه.


* محمد الطاهر بن عاشور ( القرن الرابع عشر الهجري ):
مفسر تونسي من جيل المعاصرين، وتفسيره للقرآن تفسير جيد، وقد ضمّن مقدمته آراءه في اتجاه ما يسمى: ( التفسير العلمي )، أي: استعمال معطيات العلم الحديث في شرح مفاهيم الآيات القرآنية المشيرة إلى الطبيعة والخلق والكون.

ولقد عرض الدكتور سعاد يلدرم[6]بالتفصيل لآراء ابن عاشور، وفيما يلي نقتبس منه مقتطفات نبين بها خلاصة هذه الآراء فيما يلي:
قال ابن عاشور ـ رحمه الله ـ في تفسير ( التحرير والتنوير )[7]( في المقدمة العاشرة ) عند البحث في إعجاز القرآن ما نصه: وآمال النوع الثاني من إعجازه العلمي، فهو ينقسم إلى قسمين: قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم. وكلا القسمين دليل على أنه من عند الله، لأنه جاء به ( أمي ) في موضع لم يعالج أهله دقائق العلوم، والجائي به ثاوٍ بينهم لم يفارقهم، ولقد أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى: )قال: فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين. فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ([القصص: 49 ـ 50].ثم إنه ما كان قصاراه إلى مشاركة أهل العلم في علومهم الحاضرة، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه، ويتجاوز ما درسوه وألفوه.


قال ابن عرفة عند قوله تعالى: (يولج الليل في النهار ) [آل عمران: 27].كان بعضهم يقول: إن القرآن يشتمل على ألفاظ يفهمها العوام، وألفاظ يفهمها الخواص، وعلى ما يفهمه الفريقان، ومنه هذه الآية، فإن الإيلاج يشمل الأيام التي لم يدركها إلا الخواص، والفصول التي يدركها سائر العوام.
أقول: وكذلك قوله تعالىSadأولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمنون ) [الأنبياء: 30]. فمن طرق إعجازه العلمية أنه دعا إلى النظر والاستدلال.

قال في الشفاء: ( ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم تعهدها العرب، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم، فجمع فيه من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجة العقلية، والرد على فرق الأمم ببراهين قوية وأدلة كقوله: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)[الأنبياء: 22]. وقولهSadأوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم )[يس: 81].

ولقد فتح الأعين إلى فضائل العلوم، بأنه شبه العلم بالنور وبالحياة كقوله: (لينذر من كان حياً )[يس: 70]. وقوله: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)[الزمر:43].وقولهSadيخرجهم من الظلمات إلى النور)[البقرة:257].وقولهقل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)[الزمر: 9]
وهذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القرآن أساليب الشعر وأعراضه مخالفة واضحة.

ثم يستدل ابن عاشور بحديث: ( ما من الأنبياء نبي إلا أوتي ـ أو أعطي ـ من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة )[ البخاري: فضائل القرآن، ومسلم: كتاب الإيمان]، فالمناسبة بين كونه أوتي وحياً وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعاً لا تنجلي إلا إذا كانت المعجزة صالحة لجميع الأزمان، حتى يكون الذين يهتدون لدينه لأجل معجزته، أمما كثيرين، على اختلاف قرائحهم، فيكون هو أكثر الأنبياء تابعاً لا محالة، وقد تحقق ذلك، لأن المعنى بالتابع: التابع له في حقائق الدين لا اتباع الادعاء والانتساب بالقول (...). وهذه الجهة من الإعجاز إنما تثبت للقرآن بمجموعه، إذ ليست كل آية من آياته، ولا كل سورة من سورة، بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز، ولذلك فهو إعجاز حاصل من القرآن، وغير حاصل به التحدي.

وقال ابن عاشور ( في المقدمة الرابعة لتفسيره ): وفي الطريقة الثالثة: تجلب مسائل علمية من علوم لها مناسبة بمقصد الآية، إما على أن بعضها يومىء إليه معنى الآية، ولو بتلويح ما، كما يفسر أحدهم قول الله تعالى: )....ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً... ([البقرة: 269]. وأن بعض مسائل العلوم قد تكون أشد تعلقاً بتفسير آي القرآن كقول الله: (والسماء بنيناها بأيد... ([الذاريات: 47].وكذا قوله تعالى: (أفلم ينظرون إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج ([سورة ق: 6].فإن القصد منه الاعتبار بالحالة المشاهدة، فلو زاد المفسر ففصل تلك الحالة، وبين أسرارها وعللها بما هو مبين في علم الهيئة ( الفلك )، كان قد زاد المقصد خدمة، إما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني، وبين المسائل الصحيحة من العلم، حيث يمكن الجمع، وإما على وجه الاسترواح من الآية، كما يؤخذ من قوله تعالى: )ويوم نسير الجبال ([الكهف: 47]. أن فناء العالم يكون بالزلازل. ومن قوله تعالى: (إذا الشمس كورت...([التكوير: 1]. أن قانون الجاذبية يختل عند فناء العالم.

* بديع الزمان سعيد النورسي ( القرن الرابع عشر الهجري ):
مجاهد إسلامي تركي مشهور، كتب تفسيراً باللغة العربية لسورة البقرة أسماه: ( إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز )، كما كتب تفسيراً لبعض سور وأجزاء القرآن الكريم بعنوان: ( كليات رسائل النور ) التي ترجمت فيما بعد إلى اللغة العربية، وقد توفي ـ رحمه الله ـ عام ( 1960م ) عن عمر يناهز السابعة والثمانين، وهو عمر ملىء بالعلم والجهاد والدعوة إلى الله، وفي نفس بحث الدكتور سعاد يلدرم وردت تفصيلات كثيرة عن آراء النورسي في هذا الاتجاه التفسيري للقرآن الكريم، وبنفس الأسلوب في التناول هنا سوف نعرض مقتطفات موجزة من هذه التفصيلات، تبين موجزاً لهذه الآراء:
من آيات القرآن قسم يزداد وضوحاً بمرور الزمان، ولا تنقضي عجائبه، له محكمات ونصوص لا تتغير وأحكامها في كل الأزمان، ولكن له أيضاً معاني ثانوية تشير إلى بعض الحقائق العلمية التي تنكشف شيئاً فشيئاً، حسب تقدم المستوى العلمي البشري.

أما الحقائق الظاهرية التي بينها السلف الصالح فمسلمة محفوظة، لا تعتريها شبه، لأنها نصوص ومحكمات وأسس وقواعد يجب الإيمان بها، والكتاب موصوف بأنه )قرآن عربي مربين (.وهذا يقتضي كونه واضحاً في معانيه الأساسية، والخطاب الإلهي يدور حول هذه المعاني، ويقويها ويظهرها، ومن ينكر هذه المعاني المنصوصة، فكأنما يكذّب الله تعالى، ويتهم فهم الرسول صلى الله عليه وسلم، إذن لا شك في أن المعاني المنصوصة مأخوذة من منبع الرسالة... إلخ ( المكتوبات 400 ـ 401 ).

ويتساءل النورسي بعد أن تعرض لبعض المعاني الإشارية من قبيل الإعجاز العلمي، فيقول: فإن قلت: كيف نستطيع أن نعلم أن القرآن أراد هذه المعاني وأشار إليها؟.
فالجواب: ما دام القرآن خطة أولية، وما دام هو يدرس ويخاطب كل طبقات البشر المصطفّة جيلاً بعد جيل، إلى يوم القيامة، فلا بد له من مراعاة تلك الأفهام المختلفة، ودرج المعاني المتعددة وإرادتها، ووضع القرائن للإرشاد بأنه أرادها، وكل هذه الوجوه والمعاني تعد من معاني القرآن بشهادات اتفاق أهل الاجتهاد، وأهل التفسير، وأهل أصول الدين، وأهل أصول الفقه، بشرط كونه صحيحاً من ناحية العلوم العربية، وحقاً من جهة الأصول الدينية، ومقبولاً من الناحية البلاغية، والقرآن وضع أمارة لكل وجه من هذه الوجوه: إما لفظية وإما معنوية.

والأمارة المعنوية: إما أن تفهم من سياق الكلام وسباقه، وإما أمارة مستنبطة من آية أخرى تشير إليها ( يعني: إلى هذا المعنى )، وكتب التفاسير التي تعد بالآلاف التي الفها المحققون تشهد بجامعية القرآن هذه وخارقيته. ( سوزلر، أي: الكلمات 414 ـ 415 ).

يتساءل الإنسان: إن الواقع الذي نشاهده ضد ما أشار إليه القرآن في بعض الأحيان، مثلاً نرى الشمس تشرق، وتغرب، والأرض منبسطة ساكنة، ماذا نقول في ذلك؟ نجيب عن هذا السؤال بأن القرآن كتاب هداية وإرشاد، والإرشاد باعتبار المعظم عوام، والعوام على رؤية الحقيقة عريانة، ولا يستأنسون بها إلا بلباس خيالهم المألوف، فلهذه النكتة صوّر القرآن تلك الحقائق بمتشابهات وتشبيهات واستعارات، وحافظ على الجمهور الذين لم يتحملوا عن الوقوع في ورطة التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه، فأجمل في المسائل التي يعتقد الجمهور بالحس الظاهر مخالفتها للواقع، لكن مع ذلك أومأ إلى الحقيقة بنصب أمارات، فإذا تفطنت لهذه النكتة فاعلم: أن الديانة والشريعة الإسلامية المؤسسة على البرهان العقلي، ملخصة من علوم وفنون تضمنت العقد الحيوية في جميع العلوم الأساسية، من فن تهذيب الروح، وعلم رياضة القلب، وعلم تربية الوجدان، وفن تدريب الجسد، وعلم تدبير المنزل، وفن السياسة المدنية، وعلم الحقوق والمعاملات، وفن الآداب الاجتماعية، وكذا... وكذا...إلخ، مع أن الشريعة فسرت وأوضحت في مواضع اللزوم ومظان الاحتياج وفيما لم يلزم في حينه أو تستعد له الأذهان، أو لم يساعد الزمان، أجملت بفذلكة ووضعت أساساً، وأحالت إلى الاستنباط منه ( إشارات الإعجاز 175 ). يراعي القرآن ويتلطف مع الحس الظاهري، الذي يشاهد أن الأرض ساكنة ومنبسطة، ولا يقول بصراحة: إن الأرض كروية تدور حول نفسها، وحول الشمس بسرعة، ما أراد القرآن أن يلبس على الناس ويشوش على أفكارهم، فيبعدهم عن هداية القرآن، ولو قال القرآن هذا وأمثاله من الحقائق العلمية لانفض الناس من حولها، ولأنكروا ذلك، لم يكن من ذلك شك، إلا أن القرآن لم يهمل الإشارة إلى العصر، وإلى المستوى، الذي أدرك الناس فيه حقيقة شكل الأرض أو حركتها.

وبناء على هذه الحقيقة، فلا بد للمفسرين المتأخرين أن يوفقوا بين الحقائق الكونية المتكشفة وبين النص القرآني المشير إلى هذه الاكتشافات، وليست هذه المسائل من قبيل العقائد والعبادات والأحكام والمعاملات، ولهذه يجوز أن تفهم وتؤمن الأجيال المتقدمة بالمعنى الإجمالي وكفى، وهذا لا يسبب أي نقيصة للقرآن، ولا للمتقدمين من الأمة الذين لم يكن في استطاعتهم أن يعرفوا هذه المسائل بالتفصيل، بل يكون دليل آخر بالإعجاز القرآني.. لأن القرآن يعلن بصراحة أنه يحتوي بعض الحقائق التي لم تظهر حقيقتها في وقت النزول بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله )[يونس: 39]. والجزء الأخير من الآية صريح في أن القرآن يحتوي بعض الحقائق التي ستتضح بمرور الزمان، وكذا قوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ([فصلت: 53].

وهذه ألآية صريحة في أن الله يظهر بعض الآيات، أي: بعض الحقائق القرآنية بعد زمن النزول.
لنقرأ ما كتبه المفسر ابن كثير ( المتوفى سنة 774هـ )، الذي هو أبعد المفسرين عن التفسير الموصوف بالعلمي.
قال ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية الكريمة: ( أي: سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقاً منزلاً من عند الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم بدلائل خارجية في الآفاق من الفتوحات[8]، وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان... ويحتمل أن يكون المراد من ذلك هو ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد ( الأخلاط )، والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريع الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى.
وقال ابن زيد: ( آفاق السماوات ): نجومها، وشمسها، وقمرها، اللاتي يجرين، وآيات في أنفسهم، أيضاً ( تفسير الطبري: 25/5 ).

ويصرح ابن كثير بأن هذه الآية تشير إلى بعض الحقائق التي يدرسها علم الأحياء وعلم التشريح.

وابن زيد، من السلف، يفسر ( الآيات ) بعلوم الكون، بينما كان ابن جرير الطبري لا يلتزم هذا التفسير، ظنّاً بأن السماوات والشمس والقمر كانت مشهودة ومعلومة عندهم.

* عبد الرزاق نوفل ( القرن الرابع عشر الهجري ):
عرض المفكر الإسلامي المرحوم الأستاذ عبد الرزاق نوفل فكره في العديد من الكتب التي ألفها، وقد ظهر ـ رحمه الله ـ في فترة كانت بحاجة إلى إشاعة هذا الفكر، تلك هي فترة سيطرت الشيوعية ـ أو على الأقل العلمانية ـ على أنحاء متفرقة من العالم.

وفي كتاب ( القرآن والعلم الحديث )[9]يقول: أثبت التقدم الفكري في العصر الحديث أن القرآن كتاب علمي جمع أصول كل العلوم والحكمة... وكل مستحدث في العلم نجد أن القرآن قد وجه إليه النظر أو أشار إليه.


* محمد متولي الشعراوي ( القرن الخامس عشر الهجري ):
الإمام العلامة قوي البيان ذائع الصيت الذي يلجأ في كثير من الأحيان ـ خصوصاً عند مروره بالآيات ذات الإشارات والمفاهيم العلمية ـ إلى الاستعانة بمعطيات العلوم الحديثة في الكشف عن جوانب من معنى الآية لم تكن ظاهرة للناس من قبل، ونفهم من ذلك: أنه لا يعارض ( التفسير العلمي )، وإنما يعارض المغالاة والاندفاع والخوض بالقول في النظريات والفروض والظنون، وجر آيات القرآن إلى هذا الميدان، في محاولة لإثبات القرآن بالعلم، رغم أن القرآن ليس في حاجة إلى العلم ليثبت صدقه.

يقول فضيلته: إن هذا أخطر ما نواجهه، ذلك أن بعض العلماء في اندفاعهم في التفسير وفي محاولاتهم ربط القرآن بالتقدم العلمي يندفعون في محاولة ربط كلام الله بنظريات علمية مكتشفة يثبت بعد ذلك أنها غير صحيحة، وهم في اندفاعهم هذا يتخذون خطوات متسرعة، ويحاولون إثبات القرآن الكريم بالعلم، والقرآن ليس في حاجة إلى العلم ليثبت، فالقرآن ليس كتاب علم، ولكنه كتاب عبادة ومنهج، ولكن الله سبحانه وتعالى علم أنه بعد عدة قرون من نزول هذا الكتاب الكريم سيأتي عدد من الناس ويقول: انتهى عصر الإيمان وبدأ عصر العلم، والعلم الذي يتحدثون عنه قد بينه القرآن الكريم كحقائق كونية منذ أربعة عشر قرناً.... [10].

ويقول الشيخ الشعراوي[11]: إن القرآن ىية الإعجاز، وله عطاءات في هذا المضمار، وهناك عطاءات في قول الله تعالى: )سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم... (،ويتمثل الأول في الافاق الواسعة والأرجاء الرحبة، وتسمى الآيات الكونية، ولقد أوضح سبحانه وتعالى من آيات الكون للمؤمنين، هداية لهم وإرشاداً، فبرع كثير منهم، وكانوا قادة أوائل في العلوم، وعلى رأسهم جابر بن حيان الذي كان أول من وضع أساس علم الكيمياء، وابن سينا الذي وضع أساس علم الطب لعلاج أدواء البشر، والفلك لنعرف مجريات النجوم وأفلاكها، وما يعتورها من تغيرات ومناخات، وكذلك علم الرياضيات. ولم نهمل آيات الكون جسم الإنسان، فاكتشف ابن النفيس الدورة الدموية ووصفها وصفاً علمياً دقيقاً. ولم يقف الحال عند ذلك، بل نبغ الزهراوي في إجراء الجراحات الكثيرة حتى سمى ( أبا الجراحة )، ولم يقتصر عطاء الله سبحانه وتعالى على المؤمنين، بل إن هناك ثوابت وحقائق، مثل كروية الأرض التي صورها العلماء من القمر، فلن تصبح الأرض مربعة أو مثلثة... تلك حقائق ثابتة، ومثلها قوانين في الفيزياء، وحقائق في الفلك وفي التشريع...


* كامل البوهي ( القرن الخامس عشر الهجري ):
كان ـ رحمه الله ـ مديراً لإذاعة القرآن الكريم بمصر، ومديراً لتحرير جريدة ( الرأي العام )، وحينما سئل عن رأيه في التفسير العلمي قال[12]: إن كل تفسير إنما هو اجتهاد يصيب ويخطىء، ومن حق المتخصص أن يجتهد، فأولئك الذين فسروا القرآن بلاغياً متخصصون في البلاغة، وقد تتغير النظرية الأدبية من جيل إلى جيل، وقد يخطىء أحد المفسرين على الطريقة البلاغة، والقرآن الكريم صحيح مئة في المئة، أما تفاسيره فمنها الصحيح ومنها غير الصحيح... ولا يجب منع التفسير العلمي بوجه عام، فذلك خطر على الفكر لا يرضاه الإسلام الذي أطلق للإنسان العنان ليستخدم كل مواهبه دون عراقيل من كهنوت ديني أو سلطة ـ من يدعون الوصاية على أمور الدين، ما دام المجتهد كفئاً للاجتهاد وحسن النية ... ونعتقد أن ذلك يؤهله لتلقي نفحات من الله تفتح له الطريق والوعي والتوفيق...


* محمود ناظم نسيمي ( القرن الخامس عشر الهجري ):
مفكر سوري مسلم، له كتابات في مجال الربط المنسجم بين العلم والدين، وفي تقديمه لكتاب ( مع الطب في القرآن الكريم ) الذي نال به درجة الدكتوراة كل من الدكتور عبد الحميد دياب والدكتور أحمد أحمد قرقور[13]، يقول الدكتور محمود ناظم نسيمي:... وتعلم فنون الطب والصناعة والزراعة والعلوم الدنيوية المختلفة ليس من مهام الرسالة السماوية، فإذا تكلم القرآن عن شيء من ذلك فإنما يريد أن يوجه الإنسان إلى الإيمان بوجود خالق مبدع لكل الكائنات، وإلى ما فيها من خواص طبيعية وقوانين علمية وترتيبات سببية، ويريد منه أن يحيا معها ضمن عقيدة سليمة وتفكير قويم، وأن يستخدمها في سلوك صحيح وأخلاق سامية، ويريد أن ينبه الإنسان بصورة خاصة إلى أن الاشتغال بالعلوم والمهن والصناعات وأنواع الزراعة المفيدة ضمن الإطار العقائدي السليم والخلقي النبيل، إنما هو منسجم مع روح الإسلام، فلا يجوز أن يهمله المجتمع المسلم أو يغفل عنه بحجة أن أفضل العلوم هي العلوم الدينية، لأن كل علم أو حرفة أو صناعة أو زراعة نافعة للمجتمع الإسلامي هو من فروض الكفاية، كما هو الحال في تعلم الفقه وسائر العلوم الدينية.


* عبد المجيد الزنداني ( القرن الخامس عشر الهجري ):
أول أمين عام لهيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، وهذه هي أول هيئة ( من حيث تاريخ التأسيس ) في العالم تقوى على إبراز جوانب الإعجاز العلمي في آيات القرآن. ولفضيلته كتب عديدة في مجال الإشارات العلمية للقرآن الكريم، والتوحيد، والكثير من البحوث المنشورة في مؤتمرات هيئة الإعجاز العلمي للقرآن والسنة بمكة المكرمة[14].

كما أنه صاحب العديد من الأفكار والمشروعات البحثية في هذا المجال العظيم.


* مصطفى محمود ( القرن الخامس عشر الهجري ):
المفكر الإسلامي المعروف، وهو أحد المنادين بالتفسير العصري ( وهو في نظره أكثر شمولاً من مجرد التفسير العلمي )، وله في هذا المجال كتاب مشهور بعنوان: ( القرآن ... محاولة لفهم عصري ).

يقول الدكتور مصطفى محمود[15]: إن القرآن كلام الله ( الذي ) لا نهاية لمعانيه، وهو كتاب جامع.. ولهذا فإنه احتمل أكثر من منهج في التفسير، فهناك التفسير البياني.. والتفسير العلمي الذي يركز على الآيات الكونية في الفلك والطب والأجنة، وعلى معطيات الموضوعية العلمية، وهناك التفسير الإشاري، وهناك.... إلخ، ولكل منهج من هذه المناهج مكانه، وكلها مكملة لبعضها البعض، والاجتهاد فيها لا ينتهي، ونظراً لكثرة المعلومات المتاحة في العصر العلمي الذي نعيشه، أخذ التفسير العلمي مكان الصدارة، إذ وجدنا آيات القرآن تتوافق مع كل ما يجدُّ من معارف علمية ثابتة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahmed/talaat.forumegypt.net
 
اعجاز القرءان على مر الزمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
علم ينتفع به :: الإعجاز العلمى فى القرأن الكريم :: اعجاز القران على مر الزمن-
انتقل الى: