تنبت بالدهن وصبغ للآكلين
نعيش مع السطور التالية في ظلال آية من آيات القرآن الكريم لنرى الإعجاز العلمي فيها قال تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ {20} وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ {21} وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)[1].
قال المفسرون :
إن الشجرة هي شجرة الزيتون، وأن في ثمارها ما ينتفع به من الدهن والأصباغ وقال ابن عباس رضي الله عنه ألم تر أن الرجل أبيض وأحمر وأسود .
ومن التفسير السابقين نفهم أن شجرة الزيتون تعطي ثماراً (الزيتون ) وأن هذه الثمار بها دهن (زيت الزيتون ) وصبغ للآكلين .
وهذا يعني أن ثمار الزيتون بها أصباغ للآكلين وأرجع ابن عباس رضي الله عنه لون البشرة في الناس إلى هذا الصبغ الموجود في ثمار شجرة الزيتون التي تخرج من طور سيناء وتنبت بالدهن وصبغ للآكلين وقال المفسرون : أنها شجرة الزيتون .
وهذا كلام عين الحق وقمة الإعجاز النباتي في القرآن الكريم والقرآن كله معجز .
فإذا حللنا ثمار الزيتون بالطرق العلمية الحديثة في التحليل سنجد بها علاوة على الدهن كميات من الأحماض الأمينية (وهي الأحماض التي ترتبط مع بعضها البعض في سلسلة ببتيدية طويلة لتكون البروتين).
بعض هذه الأحماض تسمى بالأحماض الأمينية الأساسية وهي الأحماض الأمينية التي يمرض الإنسان إذا لم يتناولها في طعامه لمدة طويلة أحد هذه الأحماض الأمينية الأساسية هوحمض الفنيل ألانين وهذا الحمض موجود في ثمار الزيتون (وهذا ما استنتجته من الآية نفسها) وله دوراً أساسي في إعطاء لون البشرة ولون رموش الأعين ولون الشعر في الإنسان .
ولكن كيف يحدث ذلك علمياً ؟
يتناول الإنسان الحمض الأميني فنيل ألانين في الطعام فيتحول إلى تيروزين والتيروزين يتحول إلى الميلانين والميلانين هوالمادة الكيميائية الحيوية التي تصبغ جلد وشعر ورموش الإنسان عندما تترسب في بعض طبقات الجلد والشعر والرموش .
من الخطوات السابقة نفهم أن شجرة الزيتون تعطي ثماراً ،هذه الثمار بكل تأكيد بها الدهن والصبغ للآكلين كما قال تعالى وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ).
وهذه العظمة في العطاء العلمي القرآني فمن كان يعلم من العباد أن شجرة الزيتون تعطي أصباغاً للآكلين .
حتى المفسرون عندما قالوا إن فيها ما ينتفع به من الدهن والأصباغ معتمدين على التفسير اللفظي ـ لم يكونوا يعلمون ما أوضحناه ونحن العلميين المتخصصين لم نكن نربط بين التركيب الكيميائي الحيوي لمنتجات شجرة الزيتون ولون البشرة لولا أن القرآن الكريم أنبأنا بذلك وفسر لنا ذلك ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه.
هل كان ابن عباس عالماً في الطب والكيمياء الحيوية وعلم النبات وأيضاً الكائنات الحية والإنسان حتى يقول هذا الكلام العلمي الأكيد ، ويوجز هذه العمليات العلمية في قوله رضي الله عنه ( الم تر أن الرجل أبيض وأحمر وأسود ).
ولقد فهمت أيضاً وبعد سنوات من الفهم العلمي السابق أن شجرة الزيتون عندما تنبت في بداية حياتها فإنها تستغل الدهن الموجود بالبذور والذي يحوله الجنين إلىمواد كربوهيدراتية خلال دورة جليكزوليت ( Glyxlate)المكتشفة سنة 1957م.
وفي هذه الدورة يعتمد الجنين في إنباته على الدهن المخزن الذي يتحول في الدورة إلىمواد كربوهيدراتية وخلات نشطة وهذا إعجاز آخر في الآية .
وحتى تكتمل الصورة في التفسير الأول نقول: أن الفارق بين الرجل الأوروبي الأبيض والرجل الأفريقي الأسود والرجل القمحي اللون هو فارق في كمية صبغ الميلانين في طبقات الجلد الملونة .
الرجل الأبيض والرجل القمحي عندما يتعرضا لأشعة الشمس مدة طويلة يسمر لون الجلد عندهما وتزداد كمية الميلانين في الجلد .
الأسوداد والسمرة نعمة من الله على عباده الذين يعيشون في البلاد الحارة المشمسة لأن اللون الأسود يحميهم من أشعة الشمس الضارة بهم ، وإذا غاب هذا اللون الأسود أصيبوا بسرطان الجلد.
قال تعالى وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِين )[2].
فانظر كيف ربط الله سبحانه وتعالى بين خلق السموات والأرض واختلاف الألوان وذلك لأهمية هذا الاختلاف اللوني وعظمته التي تقارب عظمة خلق السموات والأرض ولذلك ربط الله سبحانه وتعالى بينهما في الآية .
والذي يتحكم علمياً في عملية تحويل الفنيل الانين الموجود بثمار الزيتون إلى التيروزين ثم الملانين في الجسم هو الأنزيمات هذه الأنزيمات تتحكم فيها العوامل الوراثية المسماة بالجينات التي أودعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان .
والذي يتحكم أيضاً في عملية تحويل الدهن إلى مواد غذائية أخرى في جنين بذور الزيتون هو الأنزيمات التي يتحكم فيها أيضاً العوامل الوراثية المسماة بالجينات في النبات والتي أودعها الخالق سبحانه وتعالى في النبات .
الرجل الأبهق : (عدو الشمس ـ الألبينو) عنده خلل وراثي يؤدي إلى غياب الأنزيمات المتحكمة في تكوين الميلانين في جسمه ، فيصبح أبيض الجلد والشعر والرموش ولا يقاوم أشعة الشمس .
وبذور الزيتون التي لا تعطي الأنزيمات المحللة والمحولة للدهن المخزن فيها فتحوله من دهن إلى خلات وتحوله إلى طاقة ، إذا غابت لسبب وراثي فإن البذور لا تنبت ولا يقاوم أشعة الشمس .
وبذور الزيتون التي تعطي الأنزيمات المحللة والمحولة للدهن المخزن فيها فتحوله من دهن إلى خلات وتحوله إلى طاقة إذا غابت لسبب وراثي فإن البذور لا تنبت ولا تخرج الأشجار .
فهل كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عالماً بعلوم الوراثة والخلية والكيمياء الحيوية ، والنبات ، والتحلل الكيميائي حتى يوجز هذه العمليات الحيوية والتي مسسناها مساً في هذا الموضوع في كلمات معجزة موجزة جامعة هي : ( تنبت بالدهن ، وصبغ للآكلين ) في قوله تعالى : (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ).
أم أنه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ، الذي لا تنتقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد ، والمعجزة الباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .