عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه أنَّ النَّبيَّ ﷺ صعِدَ المنبرَ ، فقالَ : آمينَ آمينَ آمين قيلَ : يا رسولَ اللَّهِ ، إنَّكَ حينَ صعِدتَ المنبرَ قلتَ : آمينَ آمينَ آمينَ ، فقالَ : إنَّ جبريلَ أتاني ، فقالَ : من أدرَكَ شَهْرَ رمضانَ ولم يُغفَرْ لَهُ فدخلَ النَّارَ فأبعدَهُ اللَّهُ ، قُل : أمين ، فقلتُ : آمينَ ، ومن أدرَكَ أبويهِ أو أحدَهُما فلم يبرَّهما ، فماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَهُ اللَّهُ ، قل : آمينَ ، فقلتُ : آمينَ ، ومن ذُكِرتَ عندَهُ فلم يصلِّ عليكَ فَماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَهُ اللَّهُ ، قُل : آمينَ ، فقلتُ : آمينَ. الوادعي الصحيح المسند
"رَغِم أنفُ رجُلٍ "، أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن ذُكِر عِندَه النَّبيُّ ﷺ ، فلم يَقُلْ: ﷺ ، "ورَغِم أنفُ رَجُلٍ دخَل عليه رمَضانُ، ثمَّ انسَلَخ قبلَ أن يُغفَرَ له"، أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن أدرَك شَهرَ رمَضانَ، فكَسِلَ عن العِبادةِ ولم يَجتَهِدْ ويُشمِّرْ حتَّى انتَهى الشَّهرُ فلم يَظفَرْ ببرَكةِ الشَّهرِ الكريمِ ولم يُغفَرْ له، "ورَغِم أنفُ رجُلٍ أدرَك عِندَه أبَواه الكِبَرَ فلم يُدخِلاه الجَنَّةَ"، أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن بلَغ أبَواه سِنَّ الكِبَرِ فلم يَجتَهِدْ في بِرِّهما ويَسْعَ في إرضائِهما حتَّى يُدخِلَه بِرُّهما الجنَّةَ.
قال ابن القيّم- رحمه اللّه- (في الصّوم):
هو لجام المتّقين، وجنّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرّبين، وهو لربّ العالمين من بين سائر الأعمال، فإنّ الصّائم لا يفعل شيئا، وإنّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النّفس وتلذّذاتها؛ إيثارا لمحبّة اللّه ومرضاته، وهو سرّ بين العبد وربّه لا يطّلع عليه سواه، والعباد قد يطّلعون منه على ترك المفطرات الظّاهرة، وأمّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فهو أمر لا يطّلع عليه بشر، وتلك حقيقة الصّوم.